حيث يلتقي الإبداع الإيطالي بعراقة التراث السعودي، يعيد إطلاق أول قطار فائق الفخامة في المملكة صياغة مفهوم السفر الراقي في الشرق الأوسط. وقد كُشف عنه خلال مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض، ثمرة شراكة تجمع الخطوط الحديدية السعودية بشركة Arsenale S.p.A. الإيطالية، مبتكري قطار La Dolce Vita Orient Express. وتقود الرؤية الإبداعية المصممة ألين أسمر دَمّان، صاحبة البصمة المعمارية الممتدة من فندق دو كريون الباريسي إلى معرض Heavenly Bodies في متحف المتروبوليتان. هنا، تعيد صياغة السفر البطيء كفن مستقل، وتجربة حسية غامرة بطابع ثقافي رفيع. 

في الداخل، تستحضر الألواح الخشبية المحفورة هندسيات العمارة النجدية؛ وتستعيد الجلود بدرجات الطين المغسول بالشمس أناقة الصحراء الهادئة؛ فيما تلمع الأقمشة المنسوجة بوهج سرابي خافت. 

كل تفصيل يروي سيرة التراث — من الأخشاب المحفورة يدويًا، إلى حياكات بدوية معاد تفسيرها، وصولًا إلى الأسطح النحتية — لكن عبر عدسة معمارية معاصرة. تبدو لوحة الألوان وكأنها منبثقة مباشرة من الأرض: ألوان المغرة، وبُنيّات الكثبان، وخُضرة الواحات، وتوهّج مورانو الدافئ بلمعته السينمائية. ومع وجود 33 جناحًا فقط، بينها جناحان رئاسيان، يأتي هذا الحس بالخصوصية مقصودًا، لتسود أجواء نادرة، مترفة، واستثنائية.

من المقرر إطلاقه في أواخر عام 2026، ليشق القطار رحلة تمتد على 1300 كيلومتر تبدأ من الرياض مرورًا بالقصيم وحائل والجوف، وصولًا إلى مشارف الحدود الأردنية. لكن الوصول ليس جوهر الحكاية؛ فـ Dream of the Desert يعيد إحياء شاعرية الرحلة ذاتها، داعيًا الركاب إلى الاستسلام لإيقاع الطبيعة، وتذوّق امتياز السفر البطيء الذي يتيح للزمن أن يتمدّد بترف.

تتكشّف مسارات الرحلات الممتدة لليلة أو ليلتين عبر حواف جيولوجية عتيقة، ومواقع أثرية، ومدنٍ منحوتة على امتداد الأفق. وفي عربتي الطعام، يتبدّل المزاج من الحداثة السعودية إلى مزيج إيطالي راقٍ، مع قوائم صاغها كبار الطهاة العالميين. تخيّل تمرًا مدخّنًا يُقدَّم مع البوراتا، أو ريزوتو بزعفران الطائف، أو إسبرسو يُسكب بأسلوب إيطالي لا يخلو من الثقة واللامبالاة الأنيقة. وبين الوجبات، يستقبل الركابَ المجلس—صالةٌ حصرية يتوقّف فيها الزمن، وتتماهى القرون كما لو كانت طبقات واحدة من الذاكرة.

في عصر تُقاس فيه الحياة بالسرعة، يأتي Dream of the Desert كحركة مضادّة، يستعيد جوهر الرحلة البطيئة ويمنحها معنى جديدًا. وبانسجام مع رؤية 2030، يفتتح القطار فصلًا جديدًا في سياحة التجارب في المنطقة، مؤكّدًا قدرة السعودية على إعادة صياغة مفهوم الفخامة وفق رؤيتها الخاصة. وكما يصفه باولو بارليتا، الرئيس التنفيذي لشركة Arsenale، فهو “تحفة متحرّكة وُلدت من حوار بين الحرفية الإيطالية والرؤية السعودية”. إنّه توقّف متعمّد عن الاندفاع—رحلة لا يُقصد عبورها سريعًا، بل السكن في تفاصيلها. معيار جديد للفخامة المتحركة. وحلمٌ صحراوي معاصر.

Privacy Preference Center